الخميس، 25 أكتوبر 2012
الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012
نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة
موقع
الإسلام سؤال وجواب
|
سؤال
رقم 46992
نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة |
سؤال:
نرجو من فضيلتكم إعطاء نبذة عن الإمام أبي حنيفة وعن مذهبه حيث أنني أسمع البعض ينتقصون من مذهب الإمام وذلك لاعتماده في كثير من الأحيان على القياس والرأي . الجواب:
الحمد لله
الإمام أبو حنيفة هو فقيه الملة عالم
العراق أبو حنيفة النعمان بن
ثابت التيمي الكوفي ، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة ، وروى
عن عطاء بن أبي رباح وهو أكبر شيخ له ، وعن
الشعبي وغيرهم كثير .
وقد عني رحمه الله بطلب الآثار وارتحل في
ذلك ، وأما الفقه والتدقيق في
الرأي وغوامضه فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك كما يقول الإمام الذهبي ، حتى قال :" وسيرته
تحتمل أن تفرد في مجلدين رضي الله عنه ورحمه
"
وكان الإمام فصيح اللسان عذب المنطق ، حتى
وصفه تلميذه أبو يوسف بقوله
:" كان أحسن الناس منطقا وأحلاهم نغمة ، وأنبههم على ما يريد " ، وكان ورعا
تقيا ، شديد الذب عن محارم الله أن تؤتى ، عرضت عليه الدنيا والأموال العظيمة فنبذها وراء ظهره ، حتى
ضُرب بالسياط ليقبل تولي القضاء أو بيت المال
فأبى .
حدث عنه خلق كثير ، وتوفي شهيدا مسقيا في
سنة خمسين ومائة وله سبعون
سنة . [ سير أعلام النبلاء 6 \ 390 – 403 ، أصول
الدين عند الإمام
أبي حنيفة ص 63 ]
أما المذهب الحنفي فهو أحد المذاهب الأربعة
المشهورة المتبوعة ، وهو أول المذاهب الفقهية ، حتى
قيل :" الناس عالة في الفقه على أبي حنيفة
" ، وأصل المذهب الحنفي وباقي المذاهب أن هؤلاء الأئمة - أعني أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - كانوا
يجتهدون في فهم أدلة القرآن والسنة ، ويفتون الناس
بحسب الدليل الذي وصل إليهم ، ثم أخذ أتباع أولئك الأئمة فتاوى الأئمة ونشروها وقاسوا عليها ، وقعدوا لها
القواعد ، ووضعوا لها الضوابط والأصول ،
حتى تكوَّن المذهب الفقهي ، فتكوَّن المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي وتكوّنت مذاهب أخرى
كمذهب الأوزاعي وسفيان لكنه لم يُكتب لها
الاستمرار .
وكما ترى فإن أساس تلك المذاهب الفقهية كان
قائما على اتباع الكتاب
والسنة .
أما الرأي والقياس الذي أخذ به الإمام أبو
حنيفة ، فليس المراد به
الهوى والتشهي ، وإنما هو الرأي المبني على الدليل أو القرائن أو متابعة الأصول العامة للشريعة ، وقد كان
السلف يطلقون على الاجتهاد في المسائل
المشكلة " رأيا " كما قال كثير منهم في تفسير آيات من كتاب الله : أقول فيها برأيي ، أي باجتهادي ، وليس المراد التشهي
والهوى كما سبق .
وقد توسع الإمام أبو حنيفة في الأخذ بالرأي
والقياس في غير الحدود
والكفارات والتقديرات الشرعية ، والسبب في ذلك أنه أقل من غيره من الأئمة في رواية الحديث لتقدم عهده على عهد
بقية الأئمة ، ولتشدده في رواية الحديث بسبب
فشو الكذب في العراق في زمانه وكثرة الفتن .
ويجب ملاحظة أن المذهب الحنفي المنسوب إلى
الإمام أبي حنيفة ،
ليس كل الأقوال والآراء التي فيه هي من كلام أبي حنيفة ، أو تصح أن تنسب إليه ، فعدد غير قليل من تلك الأقوال مخالف
لنص الإمام أبي حنيفة نفسه ، وإنما جعل من
مذهبه بناء على تقعيدات المذهب المستنبطة من نصوص أخرى للإمام ، كما أن المذهب الحنفي قد يعتمد رأي التلميذ
كأبي يوسف ومحمد ، إضافة إلى أن المذهب يضم
اجتهادات لتلاميذ الإمام ، قد تصبح فيما بعد هي المذهب ، وليس هذا خاصا بمذهب أبي حنيفة ، بل قل مثل ذلك في
سائر المذاهب المشهورة .
فإن قيل : إذا كان مستند المذاهب الأربعة
في الأصل الكتاب والسنة ،
فلماذا وجدنا اختلافا في الآراء الفقهية بينها ؟
فالجواب : أن كل إمام كان يفتي بحسب ما وصل
إليه من دليل ، فقد يصل إلى
الإمام مالك حديث فيفتي به ، ولا يصل إلى الإمام أبي حنيفة ، فيفتي بخلافه ، والعكس صحيح ، كما إنه قد
يصل إلى أبي حنيفة حديث ما بسند صحيح فيفتي
به ، ويصل إلى الإمام الشافعي نفس الحديث لكن بسند آخر ضعيف فلا يفتي به ، ويفتي بأمر آخر مخالف للحديث
بناء على ما أداه إليه اجتهاده ، ولأجل هذا
حصل الخلاف بين الأئمة - وهذا باختصار - ، لكن المعول والمرجع في النهاية لهم جميعا إلى الكتاب والسنة .
ثم إن الإمام أبا حنيفة وغيره من الأئمة في
حقيقة أمرهم وسيرتهم قد أخذوا بنصوص الكتاب والسنة ،
وإن لم يفتوا بها ، وبيان ذلك أن كل الأئمة
الأربعة قد نصوا على أنه إن صح حديث ما فهو مذهبهم ، وبه يأخذون ، وبه يفتون ، وعليه يستندون .
قال الإمام أبو حنيفة :" إذا صح
الحديث فهو مذهبي "، وقال رحمه الله
:" لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه " ، وفي رواية عنه :" حرام على من لم يعرف
دليلي أن يفتي بكلامي " ، زاد في رواية أخرى :" فإننا بشر ، نقول القول اليوم ونرجع عنه
غدا "، وقال رحمه الله
:" إذا قلت قولا يخالف
كتاب الله تعالى ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي "
وقال الإمام مالك رحمه الله :" إنما
أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في
رأيي ، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه " ، وقال رحمه الله
:" ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك ، إلا النبي صلى الله عليه
وسلم "
وقال الإمام الشافعي رحمه الله :" ما
من أخذ إلا وتذهب عليه سنة لرسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وتعزب عنه - أي تغيب - ، فمهما قلت من قول ، أو أصَّلت من أصل ، فيه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت ، فالقول ما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي "
وقال الإمام أحمد :" لا تقلدني ولا
تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي
ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا " ، وقال رحمه الله :" رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي
، وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار - أي
الأدلة الشرعية "
هذه نبذه يسيرة عن الإمام أبي حنيفة رحمه
الله ، ومذهبه ، وختاما : لا
يسع المسلم إلا أن يعرف لهؤلاء فضلهم ، ومكانتهم ، على أن ذلك لا يدعوه إلى تقديم أقوالهم على كتاب الله ،
وما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسم - ،
فإن الأصل اتباع الكتاب والسنة لا أقوال الرجال ، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله - صلى الله عليه
وسم - كما قال الإمام مالك رحمه الله .
وانظر المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب
الفقهية لعمر الأشقر .
الإسلام سؤال وجواب |
أبو حنيفة النعمان
جميع الحقوق محفوظة لشبكة أرض
الشرق
Ardalsharq.com 2000-2003
webmaster@ardalsharq.com
Tel: 20124501559
Ardalsharq.com 2000-2003
webmaster@ardalsharq.com
Tel: 20124501559
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)